يعتبر معبد أمون من أهم وأقدم المواقع الأثرية فى واحة سيوة، كما يسمى أيضا بمعبد الوحى والتنبؤات نظرا لاعتباره مهبطا لوحى الإله ولهذا السبب اعتاد الناس فى العالم القديم على زيارة المعبد واستشارة كهنته، ويسمى المعبد أيضا بقاعة تتويج الإسكندر نسبة لزيارة الإسكندر المعبد وتتويجه فيه كابنا للإله أمون.
يرجع تاريخ بناء المعبد إلى عصر الأسرة ٢٦ المصرية وتحديدا فى فترة حكم الملك “أحمس الثانى”، وكان حاكم سيوة آنذاك يسمى “سوتخ إيردس”، وقد بنى المعبد فوق تل صخرى مرتفع يقع فى قرية أغورمى، والتل كان أشبه بقلعة محصنة تحتوى على معبد وقصر للحاكم بالإضافة إلى منازل للكهنة والخدم والحراس، وبداخل القلعة أيضا يوجد بئر يعود تاريخه إلى نفس حقبة بناء المعبد.
ارتبط معبد وحى أمون فى سيوة بعدة نبوءات شهيرة فى العالم القديم ومن أهمها نبوءة جيش الملك الفارسى “قمبيز”، حيث قام قمبيز بغزو مصر عام ٥٢٥ ق م، وتنبأ كهنة أمون فى سيوة بهزيمة مدوية لقمبيز، وعندما سمع قمبيز بهذه النبوءة أمر بإرسال حملة عسكرية لتدمير الواحة وقتل الأمونيين وهم سكان واحة سيوة، ويذكر المؤرخون أمثال “هيرودوت” أن الجيش تحرك من مدينة طيبة وكان عدده ٥٠٠٠٠ جندى، ووصل الجيش إلى واحة الخارجة ثم انقطعت الأخبار عنه تماما, ويذكر المؤرخون بأنه أثناء استراحة الجيش لتناول وجبة الغداء هبت عاصمة رملية ودفنت الجيش بالكامل تحت الرمال، وهكذا تحققت نبوءة كهنة أمون وهزم جيش قمبيز وأصبحت نبوءة أمون فى سيوة ذات مصداقية.
تعتبر زيارة الإسكندر الأكبر لمعبد أمون فى سيوة من أهم الأشياء التى خلدت اسم الواحة عبر التاريخ، حيث قام الاسكندر بزيارة الواحة عام ٣٣١ ق.م لكى يحظى بتتويجه كابنا للإله أمون، ويذكر المؤرخون بأن الزيارة كانت مليئة بالمخاطر والعجائب، كما ذكر أيضا بأن الإسكندر قوبل بالترحاب وبالإحتفالات وسمح له بالدخول إلى حجرة قدس الأقداس وحيدا للتحدث إلى الإله أو بالأحرى التحدث إلى الكاهن الذى يعتبر بمثابة صوت الإله، ويقال بأن الكاهن الأكبر دعى نادى الإسكندر باعتباره ابنا لأمون.
تنبأ الإسكندر وهو داخل قدس الأقداس عن مصير حروبه المستقبلية مع الفرس وكان الرد من الكاهن بأنه سينتصر وسيحكم العالم، وخرج الإسكندر من قدس الأقداس سعيدا وأخبر قادته بأنه تلقى سرا كبيرا لن يخبر به أحدا باستثناء والدته “أوليمبياس” التى كانت فى مقدونيا آنذاك، لكن الإسكندر وافته المنية فى بابل عام ٣٢٣ ق.م قبل أن يقابل والدته وترك أمبراطورية مترامية الأطراف قسمت على قادته العسكريين، وظل قبره سرا من الأسرار المخفية حتى الآن.